للمصابين بالتهيؤات .. لا داعي للقلق

للمصابين بالتهيؤات .. لا داعي للقلق


تعتبر التهيؤات أو مرض الهلوسة من أهم الأعراض المرضية النفسية التي نعاني منها ونبحث لها عن حلول فعالة، حيث يعتمد العلاج على نوعها وسببها، فمنها ما هو طبيعي ولا يحتاج لعلاج، كما يحدث في الحالة الانتقالية ما بين اليقظة والنوم؛ حيث تعتبر ظاهرة طبيعية وليست حالة مرضية، وهناك تهيؤات تنجم عن الأعراض الجانبية لبعض الأدوية، وارتفاع درجة حرارة الجسم والتهابات الدماغ والسحايا.
الحرمان من النوم:
يؤدي الحرمان من النوم إلى الهلوسة، وبعض أنواع الاضطرابات العقلية، أو أي سبب يؤدي إلى حدوث تحيزات في القدرات الميتا إدراكية، وهذه القدرات تسمح لنا بمراقبة وسحب الاستدلالات من حالاتنا النفسية الداخلية (مثل النوايا، والذكريات، والعقائد والأفكار)، وتعد القدرة على التمييز ما بين مصادر المعلومات الداخلية ذاتية التولد ومصادر المعلومات الخارجية (المحفزات) مهارة ميتا إدراكية مهمة، ولكنها قد تتحلل مسببة الهلوسة، كما قد يتشكل بروز الحالة الداخلية أو تفاعل الشخص تجاه شخص آخر على شكل هلوسات وبالخصوص هلوسات سمعية، وهنالك فرضية حديثة أخذت تكسب قبولا بين المختصّين تسلط الضوء على دور التوقّعات الحسية الشديدة التي قد تولد خرجات حسية عفوية.
 
محسوس غير موجود: 
وتعتبر الهلوسة بمفهومها العام الإحساس بمحسوس غير موجود، وبمعنى أدق، يمكن تعريف الهلوسة بأنها الإحساس في حالة اليقظة، والوعي بمحسوس غير موجود يتميز بخواص المحسوسات الموجودة كالحياة والمادية والتحقق في الخارج (وجود مصداق خارجي للمحسوس)، وبالتالي ومن خلال هذه الخصائص يمكننا تمييز الهلوسة من الحلم الذي لا يحصل في حالة الوعي، كما يمكننا تمييز الهلوسة من التوهم (illusion) والذي هو عبارة عن إحساس مشوّه أو مفسّر تفسيرا خاطئا، كما يتميّز من خلال ذلك الحلم عن التخيل والذي يتحقق بإرادة الإنسان وهو عبارة عن تصرف في صور المحسوسات الواقعية.
 
التهيؤات والهلوسة الكاذبة:
ويضيف الأطباء: كما يمكننا من خلال التعريف المذكور أن نميز ما بين الهلوسة والهلوسة الكاذبة (pseodohallucination)، والتي لا تحاكي المحسوسات الواقعية، ولكنها تتم دون إرادة الإنسان، وتختلف الهلوسة أيضا عن "الإحساسات الوهمية" التي يقوم المريض المصاب بها بتحسس محسوسات واقعية بشكل صحيح وتفسير سليم إلاّ أنه يعطي هذه المحسوسات مغزى إضافيا غريبا. تتنوّع أشكال الهلوسة ما بين بصرية وسمعية وشمية وذوقية ولمسية، كما يمكن للهلوسة أن تصيب إحساس الإنسان بالتوازن والحرارة والألم، كما تصيب إحساس الإنسان بالمواضع النسبية لأجزاء جسمه المتجاورة. 
 
يعتبر الاظطراب (disturbance) شكلا مخففا من الهلوسة ويمكن أن يحدث في أي من الحواس المذكورة، ومن أشكاله سماع أصوات منخفضة أو إزعاج خافت، أو حدوث تحركات في البصر الطرفي. تعتبر الهلوسة في الحالة الانتقالية ما بين النوم واليقظة (hypnagogia hallucination) والهلوسة في الحالة الانتقالية ما بين اليقظة والنوم (hypnopompic hallucination) تعتبران ظاهرتان طبيعيتان وليستا حالتين مرضيتين. تتعدد العلل التي تسبب الهلوسة، حيث تعتبر الهلوسة عرضا جانبيا لبعض الأدوية مثل (deliriants)، كما يؤدي الحرمان من النوم إلى الهلوسة، وبعض أنواع الاضطرابات العقلية والعصبية تؤدي إلى هذا المرض أيضا.
 
نسبة انتشار الهلوسة:
أظهرت الدراسات بأن الناس من جميع أنحاء العالم قد يصابون بالهلوسة، وقد قررت إحدى الدراسات القديمة التي أجريت عام 1894 بأن حوالي 10% من العينة المدروسة عانوا من الهلوسة، ولاحقا أجري مسح عام 1996-1999 غطّى أكثر من 13000 شخصا.
 
وكانت النتيجة بأن حوالي 39% من الناس اعترفوا بأنهم قد كانت لهم تجارب هلوسية، وكان 27% من أولئك أصيبوا بالهلوسة خلال فترة النهار وغالبا من دون أن يكونوا قد عانوا من مرض آخر أو استخدموا أي دواء، ومن خلال هذا المسح يمكن القول بأن الهلوسة الشمية والهلوسة الذوقية تعتبران من أكثر أنواع الهلوسة شيوعا.
 
أنواع التهيؤات:
تأخذ الهلوسة أشكالاً متنوعة، وتؤثر على جميع أنواع الحواس، وتظهر أحيانا في أكثر من حاسة في نفس الوقت.
 
- الهلوسة السمعية:
و تعرف اصطلاحا بـ (paracusia)، ويسمع فيها المريض صوتا أو مجموعة من الأصوات، ويترافق هذا النوع من الهلوسة عادة مع بعض الاضطرابات العقلية كالفصام، وللهلوسة دور مهم في تشخيص هذه الأمراض المرافقة له، ولكن قد لا يعاني المريض من أي اضطراب عقلي ومع هذا يكون مصابا بالهلوسة، ومن أنواع الهلوسات السمعية هو الهلوسة الموسيقية حيث يتهيأ للمريض بأن هنالك موسيقى ترن في ذهنه وعادة ما تكون موسيقى أو أغنية يعرفها المريض جيدا، ويرجع سبب هذا النوع من الهلوسة إلى:
1- ظهور بقع غير طبيعية (lesions) في ساق الدماغ.
 
2- الأورام.
 
3- التهاب الدماغ (encephalitis).
 
 
5- الصرع.
 
6- تجمع الصديد حول بعض الجروح (abscesses).
 
الهلوسة الشمية:
حيث يقوم المريض بشم روائح غير موجودة واقعا وتسمى هذه الحالة طبيا phantosmia، وتعتبر الروائح الأكثر شيوعا في الهلوسة رائحة القيء والبراز والبول والدخان.. الخ وتنتج الهلوسات الشمية عادة بسبب تحطم النسيج العصبي في الجهاز الشمي، ويعود تحطم هذا النسيج إلى العديد من الأسباب كالالتهابات الفيروسية، وأورام الدماغ والإصابات والجراحة، ومن المحتمل أن يكون التعرض إلى بعض السموم والأدوية من مسببات ذلك أيضا.
 
يمكن لمرض الصرع أن ينتج هلوسات شمية أيضا إذا ما أثر على اللحاء الشمي. و من الجدير بالذكر أن الهلوسة الشمية (phantosmia) تختلف عن حالة طبية أخرى تعرف بـ (parosmia) حيث يشم الإنسان روائح واقعية موجودة فعلا لكن يشمها مختلفة عما يشمه الآخرون.
 
- الهلوسة الهبناكوكية (hypnagogic):
و تحدث قبل أن يغط الإنسان في النوم، ويحدث هذا النوع لدى عدد كبير من الناس ويمكن أن تستمر الهلوسة من ثوان إلى دقائق، ويحدث هذا النوع من الهلوسة لدى أشخاص أصحاء عقليا، كما يحدث لدى من يعانون من مرض (narcolepsy)، وهو حالة مرضية تتميز بنوم كثير أثناء فترة النهار وفي أوقات غير مناسبة مثلا أثناء العمل أو في المدرسة، ويترافق هذا النوع من الهلوسة أحيانا مع بعض أنواع الخلل في عنق الدماغ إلا أن هذه الحالات نادرة.
 
- متلازمة جارلز بونيت (Charles Bonnet syndrome)
متلازمة جارلز بونيت هو الاسم الذي يطلق على الهلوسات البصرية التي تحدث لدى المكفوفين، ويمكن للشخص الأعمى أن يشتت هذه الهلوسة من خلال فتح وإغلاق جفنيه حتى تختفي الصور البصرية، ولا يعتمد هذا النوع من الهلوسة على انخفاض مستوى الإضاءة فهو قد يظهر أثناء فترة النهار أو الليل على حد سواء، ولا يقلق هذا النوع من الهلوسة المريض كثيرا حيث يكون المرضى عادة واعين بأنهم يهلوسون.
 
و يتم خلالها الشعور بأمور تلامس المريض وتؤدي إلى أشكال مختلفة من الضغط على الجلد أو على أعضاء أخرى، ويترافق هذا النوع من الهلوسة عادة مع تعاطي بعض المواد، مثلا قد يشعر بعض متعاطي الكوكايين بأن براغيث تتسلق على جسده وتعرف هذه الحالة بـ (formication).
 
تفسيرات علمية:
وضعت العديد من النظريات العلمية لتفسير ظاهرة الهلوسة، فعندما كانت النظريات النفسية الحركية (نظريات فرويد) شائعة في الطب العقلي، كان التفسير الشائع على أساسها هو أن الهلوسة ما هي إلا بروز الأماني والأفكار والرغبات من العقل اللاواعي على صفحة الوعي، ولاحقا تصدرت النظريات البيولوجية وأخذ العلماء (الأخصائيون النفسيون على الأقل) بتفسير الهلوسة على أساس أنها خلل وظيفي في الدماغ.
 
و يمكن القول أيضا بأن فعالية ووظيفية الناقل العصبي المعروف بالدوبامين تعتبر مهمة بالخصوص، وقد حققت بعض بحوث علم النفس حديثا في القول بأن السبب المسؤول عن الهلوسة هو حدوث تحيزات في القدرات الميتا إدراكية metacognitive abilities، وهذه القدرات تسمح لنا بمراقبة وسحب الاستدلالات من حالاتنا النفسية الداخلية (مثل النوايا، والذكريات، والعقائد والأفكار)، وتعد القدرة على التمييز ما بين مصادر المعلومات الداخلية ذاتية-التولد ومصادر المعلومات الخارجية (المحفزات) تعد هذه القدرة مهارة ميتا-إدراكية مهمة، ولكنها قد تتحلل مسببة الهلوسة، كما قد يتشكل بروز الحالة الداخلية أو تفاعل الشخص تجاه شخص آخر على شكل هلوسات وبالخصوص هلوسات سمعية، وهنالك فرضية حديثة أخذت تكسب قبولا بين المختصّين تسلط الضوء على دور التوقّعات الحسية الشديدة التي قد تولد خرجات حسية عفوية.
 
الهلوسة عند الفرد ناتجة عن أمراض جسمية وفسيولوجية ونتيجة لأعراض انفعالية وعادة ما تكون ناتجة عن الخوف الشديد أو عن مشاكل عاطفية أو الغضب الشديد، وتلعب المؤثرات الخارجية مثل المنبهات وبعد المشروبات أو الأطعمة الأخرى والتي تعمل على تنشيط الأعصاب، وكثيرا ما يرافق هذه الحالة أعراض نفسية مثل الاكتئاب والقلق في حالة الخوف الشديد أو البرد الشديد، وتترافق هذه الحالة مع الأمراض العضوية مثل ألم الأسنان والالتهابات والأورام والحمى التي ترافقها الهلوسة التي غالبا ما تكون ناتجة عن خلل وظيفي ومجموعة اضطرابات منها حسية ومنها مرضية، وارتفاع درجة حرارة الجسم سبب رئيسي مما يؤدي إلى فقدان التركيز عند المصاب ونتيجة لاضطراب جهاز الدوران بالجسم مما قد يسبب الهلوسة عند الفرد، وتعريف الهلوسة هنا هو الخروج عن المألوف والتكلم بكلام غير مفهوم فهو لا يعي ما يقول والأعراض الاجتماعية أيضا تلعب دورا كبيرا في هذه الحالة والأعراض الاجتماعية كثيرة نذكر منها اضطراب العلاقات الأسرية، سوء التوافق الأسري، ظروف العمل وهي تؤثر تاثيرا مباشرا على الفرد مما قد تحدث عنده مشاكل كثيرة لا يستطيع أن يواجهها لكن يبقى دائم التفكير بها، والهلوسة هنا هي إدراكات خاطئة تختلف من شخص لآخر، وهناك أيضا الحالة الأخرى وهي كثرة النوم وهذه أيضا لها عوامل وأسباب كثيرة وأهمها قد يكون خلل في الغدد والهرمونات؛ فهذه الحالة حيوية والحالة الأخرى وهي على النقيض في الحالة الأولى تكون تأثيرات خارجية ولكن مع اختلاف بسيط فتكون أسبابها تناول المهدئات وليس المنشطات كما في الحالة الأولى؛ فهي تعمل على تهدئة الخلايا العصبية ومن ثم النوم.. وهذه حالة مرضية أخرى حيث يكون الفرد بحالة خمول وكسل ومشاكل في جهاز المناعة عند بعد الأفراد وينصح بعدم تناول مثل هذه العقاقير في الحالتين لأنها ضارة وليست مفيدة كما يعتقدون، وننصح بتناول الفيتامينات من المواد الطبيعية لأنها تحتوي على عناصر مهمة لسلامة الأعصاب والصحة بشكل عام وتدعيم جهاز المناعة في الجسم مما يؤدي إلى سلامة الجهاز العصبي وكذلك تعمل على تنشيط الدماغ بشكل مباشر وسليم.


,